أصحاب القلوب الحية وأصحاب القلوب المريضة
أصحاب القلوب الحية: صائمون، قائمون.، خاشعون قانتون ، شاكرون على النعماء ، صابرون في البأساء ، لا تنبعث جوارحهم إلا بموافقة ما في قلوبهم، تجردوا من الأثرة والغش والهوى ، اجتمع لهم حسن المعرفة مع صدق الأدب ، وسخاء النفس مع مظان العقل، هم البريئة أيديهم، الطاهرة صدورهم، متحابون بجلال الله يغضبون لحرمات الله ، أمناء إذا اؤتمنوا، عادلون إذا حكموا، منجزون ما وعدوا، موفون إذا عاهدوا، جادون إذا عزموا، يهشون لمصالح الخلق ويضيقون لآلامهم ، في سلامة من الغل، وحسن ظن بالخلق، وحمل الناس على أحسن المحامل، كسروا حظوظ النفس، وقطعوا الأطماع في أهل الدنيا، جاء في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «يدخل الجنة أقوام أفئدتهم مثل أفئدة الطير» [صحيح مسلم]
فهي سليمة نقية خالية من الذنب، سالمة من العيب يحرصون على النصح والإخلاص والمتابعة والإحسان. همتهم في تصحيح العمل أكبر منها في كثرة العمل: (لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا)[الملك 2] أوقفهم القرآن فوقفوا، واستبانت لهم السنة فالتزموا، (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُون)[المؤمنون: 60].
رجال مؤمنون، ونساء مؤمنات، بواطنهم كظواهرهم بل أجلى، وهمتهم عند الثريا بل أعلى ، وسرائرهم كعلانيتهم بل أحلى إن عرفوا تنكروا. تحبهم بقاع الأرض وتفرح بهم ملائكة السماء هذه حياة القلوب وهذه بعض آثارها.
أما القلوب المريضة فهي لا تتأثر بمواعظ، ولا تستفزها النذر ولا توقظها العبر ، أين الحياة في قلوب عرفت الله ولم تؤد حقه؟؟ فقرأت كتاب الله ولم تعمل به، زعمت حب رسول الله وتركت سنته.، يريدون الجنة ولم يعملوا لها ويخافون من النار ولم يتقوها رب امرئ من هؤلاء أطلق بصره في حرام فحرم البصيرة ، ورب مطلق لسانه في غيبة فحرم نور القلب، ورب طاعم من الحرام أظلم فؤاده، لماذا يحرم محرومون من قيام الليل؟ ولماذا لا يجدون لذة المناجاة؟ إنهم باردو الأنفاس، غليظو القلوب ، ظاهرو الجفوة؟؟
(أخي/ أختي ) في الله:
إن غفلة القلوب عقوبة، والمعصية بعد المعصية عقوبة.. والغافل لا يحس بالعقوبات المتتالية، ولكن ما الحيلة؟. فلا حول ولا قوة إلا بالله.
يقول بعض الصالحين:
يا عجبًا من الناس يبكون على من مات جسده، ولا يبكون على من مات قلبه، شتان بين من طغى وآثر الحياة الدنيا، وبين من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى.
تمرض القلوب وتموت إذا انحرفت عن الحق وقارفت الحرام: (فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللهُ قُلُوبَهُم)[الصف: 5].
تمرض القلوب وتموت القلوب إذا افتتنت بآلات اللهو وخليع الصور (نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُم)[التوبة: 68]
وكل الذنوب تميت القلوب وتورث الذلة وضيق الصدر ومحاربة الله ورسوله،
يقول الحسن البصري رحمه الله:
ابن آدم: هل لك بمحاربة الله من طاقة؟ فإن من عصى الله فقد حاربه.وكلما كان الذنب أقبح كان في محاربة الله أشد، ولهذا سمى الله أكلة الربا وقطاع الطريق محاربين لله ورسوله، لعظم ظلمهم وسعيهم بالفساد في أرض الله. قال وكذلك معاداة أوليائه، فإنه تعالى يتولى نصرة أوليائه ويحبهم ويؤيدهم فمن عاداهم فقد عادى الله وحاربه،.
اللهم يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلوبنا علي دينك واجعل قلوبنا من القلوب المؤمنة الحية السليمة
والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه الأخيار ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين