إخواني: إن أول خطوة نحو تحقيق أهدافي هي أن أعفو عن كل من أساء إلى وأسامحهم لماذا ؟ لأن ربـى عز وجل أمرني بذلك، ثم لأن التسامح يخلصني من أحقاد الماضي، فتصفو نفسي وروحي، وأنطلق للمستقبل بقلب نقى، وأتفرغ لكي أضع بصماتي في الدنيا حتى لا أكون زائدا ًعلى الحياة، أو عالة على المجتمع؛ بل لكي لا يكون وجودي مثل عدمه.هذه البصمات هي أهدافي التي أحلم بتحقيقها ،
ولهذه الأهداف أنواع هي
أهداف قصيرة المدى يتم تحقيقها خلال ستة أشهر
أهداف متوسطة المدى يستغرق تحقيقها من سنة إلى خمس سنوات
أهداف طويلة المدى تستغرق من خمس سنوات إلى 25 سنة ومما يقويني على تحقيق أهدافي أن أربط الهدف الرئيس بهدف آخر مستمر،فمثلا ً إذا كان هدفي الرئيس هو الإقلاع عن التدخين،فيجب أن أحدد أهداف أخرى(قِيَم عُليا)تساند هذا الهدف وتعينه على الاستمرار من هذه
الأهداف:أن أحافظ على صحتي،وأعيش حياة بدون عصبية ومشاكل،وأنفق هذه النقود التي أنفقها على التدخين في شيء آخر يزيد من رفاهيتي وسعادتي.وهكذا تتولد لدى قوة تعينني على الاستمرار في تحقيق هدفي.
وإذا كان هدفي الرئيس هو تقليل وزنى ، فإذا لم أحدد أهدافاً أخرى تحفزني ، فسأشعر بالحرمان من ألوان الطعام الشهي، و أشعر بأني مظلوم، و أكون عصبياً، ومع الوقت أعود إلى التهام ألوان الطعام لتعويض ما فاتنى ، فيزيد وزنى أكثر من ذي قبل،أما إذا ربطت ذلك بشيء محبب إلى نفسي ، مثل أن أصبح رشيقاً ، حسنالهندام، وجميل الصورة، وأكثر قدرة على الحركة، وأكثر قوة على طاعة الله، وأتمتع بصحة جيدة، وأستطيعأن ارتدى ما أحب من أنواع الأزياء، فإنني حينئذٍ سأبدأ بالإضافة إلى تقليل كميات الطعام في ممارسة تمرينات رياضية، ولن أشعر بالتعب أو السأم، أو الحرمان؛ لأن هدفي الرئيس مدعم بأهداف أخرى جميلة
مثال ثالث: إذا كان هدفي الرئيسي هو أن أصلى الفجر يوميا ً ، وأحاول أن أنام مبكرا ً ، و أضبط المنبه ،أو اطلب من صديق لي أن يوقظني بالتليفون, لكنني إلى النفس، فكما أن أحلى رشفة من كوب العصير هي آخر رشفة، وكما أن أحلى حبة من عنقود العنب هي الأخيرة، كذلك يكون أحلى وقت للاستمتاع بالنوم هو آخر الليل، ولكي أملك القوة على ترك أحلى وقت للنوم، و التنازل عن دفء الفراش، يجب أن تضع أهدافاً أخرى محببة إلى قلبي أشجِّع بهانفسي كأن أقول: “إن الاستيقاظ قبل الفجر يجعلني أقف بين يدي الله في الثلث الأخير من الليل، وهو الوقت الذي يُستجاب فيه الدعاء، فعندها أكون أكثر قُرباً من الله تعالى، وأكثر سعادة، و أشد إخلاصاً، كما تراني الملائكة من السماء كأحد النجوم، حيث ينبعث نور من حجرتي إلى السماء لأني قمت من فراشي في هذا الوقت ومعظم الناس نيام ووقفت بين يدي ربى !! في النهاية أحياناً لا أستطيع النهوض من الفِراش ، لأن آخر جزء من الشيء يكون هو أحب الأشياء كما أن قيامي في هذا الوقت يكثِّر من عدد المسلمين المخلصين ، فلعل الله تعالى يدفع بهذا الإخلاص البلاء والكرب عن المسلمين ولكن أحذر من التحديات التي تقاوم تحقيق الهدف ، وهذه التحديات هي:
الخوف. فالخوف:هو العدو الأول للإنسان ، والعقبة الأولى التي تمنع الناس من تحقيق أهدافهم ، وهناك أربعة أنواع من الخوف
1. الخوف من الفشل : هو الذي يجعلك تتشاءم وتفقد حماسك لتحقيق الهدف، ويتكون بسبب تجربة فاشلة مررت بها من قبل
2. الخوف من ألا يتقبَّلك الآخرون : وهو أن تخشى السعي لتحقيق هدفك خوفاً من أن التغيير الذي سيحدث نتيجة لتحقيق هذا الهدف قد لا يتقبله الآخرون ، ومثال على ذلك : سيدة استطعت بفضل أن تترك عادة التدخين السيئة ولكنها بعد إقلاعها، بدأت صديقاتها المدخنات في الابتعاد عنها والهروب منها، حتى أنها عادت مرة أخرى للتدخين إرضاءً لهن!! فلما اشتكت تم اقتناعها بأن الصديق الحق لا يرفض صديقه ولا يتخلى عنه بسبب عادة تركها، خاصة إذا كانت هذه العادة سيئة، فأقلعَت مرة أخرى عن التدخين ولكن بشكل نهائي، ولم يعد يُهمها أن تتقبلها هؤلاء الصديقات أم لا
3. الخوف من المجهول: وهو خوف قد يشل حركتك ويمنعك من التحرك نحو تحقيق هدفك، مثال على ذلك: رجل ظل يخاف من كلب الجيران كلما رآه ينبح في وجهه ، فكان ذلك يمنعه أحياناً من الخروج من منزله، ولكنه لما اقترب منه بعد سنتين اكتشف أن الكلب بدون أسنان فندم كثيراً على أنه ظل لمدة سنتين يخاف من مجرد صوت
4. الخوف من النجاح: هو الذي يجعلك تسوف وتماطل في التحرك نحو تحقيق هدفك، لأنك تعتقد أن نجاحك في شيء معين قد يؤذيك بصورة ٍما ، أو قد يؤذى مَن تحب ، فتتقاعس وتظل مكانك بدون تطوُّر .وللتغلب على كل أنواع الخوف ينبغي أن تقترب أكثر من الله تعالى، فتشعر بحمايته لك ، كما تدعوه في سجودك أن يوفقك ويسدِّد خطواتك، ثم تتوكل عليه فتستمد منه القوة على المضي نحو هدفك، يدفعك اليقين بأنه سيعينك ، ألم يقل سبحانه :” ومَن يتوكل على الله فهو حَسْبُه” ويساندك الهدف الجانبي وهو أن الله تعالى خلقنا لنسعى في الأرض ونعمرها، لا لكي نتكاسل ونتقاعس ونتجمد في أماكننا
الصورة الذاتية .قد تكون صورتك عن نفسك سيئة، فتقل ثقتك في قدراتك وتتوقع الفشل، فيمنعك ذلك من أن تتحرك نحو تحقيق هدفك، ولكن بتعديل هذه الصورة وبناء الثقة في النفس تبدأ حركتك الإيجابية نحوالهدف
المؤثرات الخارجية. مثل الأهل، أو السُّلطة، أو الأصدقاء، أو كبير العائلة مثلاً، الذين يتسببون لنا في إحباط
يُضعِف هِمَّتنا ويُقعدنا عن السعي نحو تحقيق الهدف ،والصحيح أنه لا ينبغي لك أن تترك أحدا ًيؤثر على قراراتك ، أو أهدافك، أو حتى حالتك المزاجـية بدون إذنك الشخصي وللتغلب على هذه المؤثرات الخارجية ينبغي أن نقتدي بالرسول صلى الله عليه وسلم حين حاربه كل مَن في مكة ، وأغروه بكل الطُرُق ليترك دعوته، فأقسم قائلاً: “والله لو وضعوا القمر في يميني والشمس في يساري على أن أترك هذا الأمر ،ما تركته ، حتى يُظهِرَه الله ، أو أهْلَك دونه “.
المماطلة والتسويف. لا تؤجل أبداً عمل اليوم إلى الغد، بل عِش كل لحظة كأنها آخر لحظة في حياتك،وعِش بالإيمان ، والأمل ، والحب، والكفاح، والطاعة والتسبيح وقدِّر قيمة الوقت ،وأستمتع بشمس اليوم، فقد لا تُشرق عليك شمس الغد.
مع تحياتي للجميع
والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه الأخيار ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين